تاريخ كفاح الشعب الصحراوي-1


تاريخ كفاح الشعب الصحراوي-1

                              محاضرة يقدمها محمد لمين أحمد                                      

http://4.bp.blogspot.com/-eviPR7ZuTQE/UETpwGoRahI/AAAAAAAAAQ8/sAVbIsGR-rY/s1600/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF+%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86+%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF.jpg 
   المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء
مخـــطط البحـث
- مدخــل
- المنظمة الطليعية القائد والنشأة.
- من هو محمد سيد إبراهيم بصيري.
- العودة إلي ارض الوطن.
- أسلوبه في العمل.
- بداية العمل الجدي.
- مخططات اسبانيا وانعكاسات ما أحست به داخل المستعمرة.
- النشأة
- الاتصال الخارجي.
- اكتشاف المنظمة.
- الانتفاضة والمجزرة.
- اعتقالات وسجون ونفي.
- محمد بصيري من الاعتقال إلى عالم المجهول.
- خاتمة.
 -------------
 مدخــــــــل
 أردت في هذه المداخلة أن أعطيكم الخطوط العريضة لمشروع كتاب أحاول استكماله مع نهاية السنة إن شاء الله، أتحدث فيه عن المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء وهي أرضية للاغناء تحتمل الخطأ في عدد من الجوانب كما تحتمل الصواب في جوانب أخرى مع ديباجة عن أصول الشعب الصحراوي والمد الاستعماري في منطقتنا ومقاومة الشعب الصحراوي لهذا التغلغل الاستعماري البغيض، وقد حاولت أن استند في بحثي إلي بعض الوثائق والكتابات الاسبانية بالخصوص وشهادات بعض الذين عايشوا وقتا من هذا الكفاح البطولي للشعب الصحراوي، وفي انتظار استكمال بعض الوثائق أريد أن انقل للمتتبع والباحث بعض الحقائق ونحن نحيي الذكري الأربعين لانتفاضة 17 يونيو 1970 التي اصطلح على تسميتها بانتفاضة الزملة، دون أن ننسى تلك المقاومة المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي من 1900-1934 وقد جاء في نشرة صدرت عن مدرسة 12 أكتوبر تحت عنوان: موجز من تاريخ الشعب الصحراوي بمناسبة الذكرى الخامسة لاندلاع الكفاح المسلح سنة 1978 ومما جاء فيه:
 الخمسينات والمقاومة
 كانت هناك اتصالات مكثفة بين الوطنيين في المغرب العربي والتي لم تغب عن الصحراويين فأوفدوا عددا منهم للمغرب والجزائر وتونس – بعضهم وصل وبعضهم لم يصل في ذلك التاريخ – أنتج ذلك: الاتفاق علي محاربة الاستعمار الفرنسي والاسباني في المنطقة
 وهكذا اندلعت الحرب في الساقية الحمراء سنة 1957 التي أخمدت بعد سنة نتيجة للتحالف الاسباني الفرنسي مع تواطئ الحكومة المغربية (حديثة العهد بالاستقلال) كانت بداية للتشريد واضطهاد أبناء الصحراء الغربية.
 ومع ذلك لم تخل الساحة سياسيا من أشكال متفرقة من النضال ضد الوجود الاستعماري : المطالبة بالتساوي في الأجور، تحسين الأوضاع الاجتماعية، توقيف الهجرة الاسبانية، التعليم العربي... الخ.
 المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء
 لما أثار مندوبو القارة الإفريقية قضية الصحراء الغربية في الأمم المتحدة إبان اجتماع للجنة الرابعة والعشرين لتصفية الاستعمار في أديس أبابا سنة 1965، ونوقشت من جديد في الجمعية العامة سنة 1966 في غيبة من الشعب الصحراوي... وكرد على ذلك قامت مجموعة من الوطنيين الصحراويين وعلى رأسهم الوطني الكبير محمد سيد إبراهيم بصير الذي عاد إلى بلاده بعد غيبة دراسية طويلة تخرج فيها من جامعتي دمشق والقاهرة، بمحاولة تأسيس حركة ثورية وطنية مناهضة للاستعمار الاسباني... وحفاظا من محمد سيد ابراهيم بصير على سرية الحركة خصوصا تسميتها حتى كتب في مذكراته اسماها: المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء.." انتهى النص.
 المنظمة الطليعية القائد والنشأْة:
 هذه المنظمة هي عصارة كفاح الشعب الصحراوي على مر العصور، فبعد القرارات المتواصلة للجمعية العامة للأمم المتحدة مع مطلع الستينات هدأت المطالب المغربية والموريتانية بالصحراء الغربية إذ اكتفى الجانبان بالتصويت لصالح تقرير المصير للشعب الصحراوي حيث اعترف المغرب باستقلال موريتانيا سبتمبر 1969 عندها بدأت متاعب جديدة تطفو على السطح بالنسبة للشعب الصحراوي. عاد محمد سيد ابراهيم بصير إلي ارض الوطن أواخر سنة 1968 وهو ما أكده لي الأخ غالي سيد المصطفى الذي كان حينها يعمل موظف في الإدارة الاسبانية وهو الذي كتب لمحمد بصير الإذن بالدخول لكن قبل الخوض في التفاصيل النضالية لهذا البطل لابد من وضع السؤال التالي
 من هو محمد سيد ابراهيم بصير؟
 يقول سيدي اليساعة لبصير وهو احد مناضلي المنظمة الطليعية الأوائل بل احد مؤسسيها في مقابلة مع مجلة 20 ماي العدد 129 يونيو 1997:
 هو محمد سيد ابراهيم سيد امبارك المعروف ببصيري، ولد شمال المنطقة قرب مدينة الطنطان، وتجمع الروايات إلى أن مولده يعود إلي بداية الأربعينيات وتحديدا سنة 1942، تلقى تعليمه الأول بالكتاتيب القرآنية علي يد ذويه – وهو من أسرة علم – ثم التحق بعد ذلك بالمدارس الابتدائية المغربية ثم الثانوية التي حصل بها على شهادة الباكلوريا، ليسافر إلي القاهرة ويلتحق بجامعتها التي تخرج منها مجازا في الصحافة، فشد الرحال بعد ذلك إلى دمشق ليعمق دراسته في العلوم السياسية.."
 بل قال هو عن نفسه أي محمد سيد إبراهيم بصير إبان استنطاقه من طرف السلطات الاسبانية انه ازداد ببادية مدينة الطنطان، ويقول بعض أقاربه أو جلهم أنه ازداد داخل المغرب، ونحن هنا لا يهمنا أين ازداد وإنما نستدل إلى ما قيل عن والده سيد ابراهيم في كتاب النزر اليسير من مناقب زاوية ال لبصير لصاحبه: الشيخ محمد المصطفى لبصير.
 يقول سيد إبراهيم لبصير متحدثا عن نفسه "لما وصلنا إلي الساقية الحمراء عند أهالينا وجدنا الحياة علي غير ما ألفت، فلم تعجبني لأني تعودت بيئة القرى التي نشأت بها، فصرت اطمئن إلى ذلك يوما بعد يوم" نقلا عن المختار السوسي في كتاب المعسول الجزء 12 ص 110.
 ويضيف المختار السوسي وهو مؤرخ مغربي مشهور في كتابه المعسول السالف الذكر عن أسرة أل لبصير: "المعروف عن هذه الأسرة المباركة، انه اشتهر ذكرها أول الأمر في موريتانيا والساقية الحمراء والسودان (مالي)، إما طالبين للعلم في شنقيط إذ أنها كانت في ذلك الوقت قبلة الراغبين والطالبين للعلم، وإما ممارسين للتجارة في هذه النواحي"
 ويقول احد أحفاد سيد إبراهيم لبصير وهو عبد الهادي بصير: "فأقام بالصحراء زهاء ثلاث سنوات حتى اختمرت روحه بها، وتخلل حبها شعاب قلبه، فأضحت متنفسه الوحيد رغم ما الم به من حنين لوالده.." النزر اليسير من مناقب زاوية آل لبصير ص71.
 وقد جاء في نفس الكتاب ما يلى: "سيد إبراهيم البصير بن الفقير كيسوم زاد في أربيب بلاو فزاده الله فتحا مبينا، وبصيرة نادرة فاقت التصورات... شب وترعرع بين أهله في الصحراء زمنا وما أن بلغ مع والده الرشد حتى حفظه القرآن الكريم، حفظا متقنا، سافر مع والده في سن مبكرة جدا إلى شنقيط لمتابعة دراسته بها لأنها كانت قبلة الراغبين والطالبين للعلم عند العائلة العلمية الشهيرة أهل باريك الله.الخ.. المصدر السابع ص142.
 أما والدة رجل الساقية الحمراء الأول وزعيم نهضتها الحديثة الفقيد محمد سيد إبراهيم بصير فهي المرحومة الزهرة منت الصالح بوقطاية من عراقة الصحراويين "وهذه العائلة نفسها استدعاها حكام المغرب لتحديد الهوية مظهرين لها إنها صحراوية وليست مغربية، وقد وردت هذه الشهادات للاستدلال لا غير وإبطال الحجة بالحجة.
 العودة إلي ارض الوطن
 ارجع إلى ما قاله سيدي اليساعة لبصير لمجلة 20 ماي السالفة الذكر.
 سنة 1966 عاد لبصير إلى المغرب بعد إتمام دراسته بالمشرق حيث اشتغل صحفيا بمجلة الشموع إلى أن توقفت عن الصدور ثم مجلة الأساس التي اضطر إلي إنهاء عمله الصحفي بها، بعد أن بلغه عن طريق احد أصدقاء عائلته إن السلطات المغربية مستاءة من آرائه السياسية التي ضمنها مقالاته الثلاث والتي خصصها للحديث عن المستعمرة الاسبانية، ونصحه بالنجاة بنفسه، وكانت تلك المقالات آخر ما كتب. هاجر محمد بصير وأخوه مولاي علي سيد إبراهيم من المغرب إلى رأس الخنفرة على الحدود المغربية الصحراوية، وأقام هناك بضعة أشهر ومنها واصل الرحلة إلي مدينة السمارة حيث ألقي عليه القبض من طرف السلطات الاسبانية هو وأخاه، وبعد ذلك منحته إقامة مؤقتة، كان هذا في أواخر سنة 1968م.
 استقر بمحمد بصير المقام في مدينة السمارة إذن، وكما يقول رفاقه فإن وضعية أبناء طينته لم تكن لتروقه، وكان يردد دائما هذه العبارة لمرافقيه وثقاته "لابد من تحرير الصحراء لا أريد أن أعيش في القمامة ".
 وفي مقابلة لي مع سيدي اليساعة لبصير 26 مايو سنة 1990 قال لي حينها: "أن بصيري كان ينتقد بطاقات التعريف الاسبانية وكذا الجنسية المغربية" الرجل كان يحيط نفسه بكل الفئات الاجتماعية فداوم الاتصال بالعلامة محمد محمود بيد الله، يحاوره في الدين وفي الجهاد في سبيل الله والوطن، كما كثف الاتصال بالشباب وبالعمال والبدو، وبالجنود والمتعلمين، ثم فتح مدرسة لتعليم اللغة العربية بمدينة السمارة مجانا، ومن خلالها ادخل أفكاره ومعتقداته إلى قلوب النشء الصحراوي وذلك مع مطلع سنة 1969.
 أسلوبه في العــــمل:
 كان يسر لبعض الثقات المدنيين وحتى العسكريين والتجار قائلا: "أكل النصارى حقوقكم، انتم محرومون من خيراتكم" استعمل الرقى لتغطية عمله السياسي كان كثير التساؤل عن الجهاد والوطن وعن الأرض وتضاريسها، وما في جوف الأرض وما هي أهم انشغالات اسبانيا، كان يجمع بعض أنواع الحجارة التي يعتقد أنها تدل علي الآثار.
 وبأسلوبه اللبق وتواضعه وحديثه العميق دخل قلوب الناس وتحول بسرعة إلى شيخ له مريدوه في شمال الوطن الصحراوي بالخصوص، وبلباقته وحسن خلقه استطاع أن يقنع غيره بأفكاره وأهدافه
 ماذا يقول عنه شداد القائد صالح في مقابلة لي معه يوم 17 مارس 2010: "التقيته أواخر 1969. من ميزاته أن البسمة لا تفارقه، كان رجلا جذابا في حديثه مقنعا بحجته يعرف كيف يوصل رسالته إلى مستمعيه، في البداية كان تركيزه على احتلال اسبانيا للأرض، وان هذه الوضعية لابد أن تنتهي في يوم من الأيام، ويعطي المتلقي صورة عن التمييز بين النصارى والصحراويين في الأجور وفي المعاملات الإدارية، والعزلة المفروضة على الصحراويين، وعدم تدريس اللغة العربية، وتهميش القضاة الشرعيين وعدم وجود ضباط ساميين من الصحراويين في الجيش الاسباني، وعدم وجود صحراويين في كبريات شركات الصيد البحري، ونهب الثروات الصحراوية من طرف الاستعمار... وان التغيير لن يأتي إلا بواسطة الشباب... انه يخرجك من الخيال إلى الواقع."
 وفي مقابلة لي مع احمد القائد صالح وموسي لبصير يوم 12 أبريل 1973 وكانت حينها الأحداث طازجة في الذاكرة يقولان ما معناه انه من البساطة والطيب حتى انطبق عليه المثل العربي "من الطيب ما يقتل" إذا شرد ذهنك فانه يتفطن فيعيدك إلى رشدك، الذين يفضلون البقاء مع اسبانيا يسايرهم الأيام الأولى ليعنفهم مع الزمن فيقتنعون مع الزمن، يورد الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، وتاريخ العرب في الأندلس، والذل والهوان الذي يكابده الصحراويون اليوم، وفتاة الكفرة الذي يعيشون عليه، ومع ذلك يظنون أنهم أحسن من غيرهم.
بداية العمل الجدي:
 كان ذلك الأسلوب اللبق تمهيدا لعمل آخر أكثر عمقا فالرجل لم ينزو، ولم يركن إلى الراحة، ولم يضيع الوقت، فما أن ضمن إقامة ولو مؤقتة حتى بدأ يحرض أبناء جلدته حول هدفه الأسمى، تحرير بلاده واستقلالها من ربق الاستعمار، وليظهر لهذا الأخير أن السكينة الظاهرة للشعب الصحراوي، ومهادنته للاستعمار ترافقها وطنية صامتة، تعرف مصالح الشعب، وان هناك نهضة وطنية عميقة فأرسل ثلاث رسائل إلى الحاكم العام الاسباني والمصدر سيدي اليساعة لبصير في مقابلة لي معه 26 ماي 1990.
 أبرزها رسالة مفتوحة باسم الشعب الصحراوي يناير 1969 وكان محتواها:
 1- لماذا سلمت اسبانيا منطقة طرفاية للمغرب سنة 1958؟ مع إبداء تخوفه من أن تسلم باقي الأرض للمغرب مخالفة بذلك القرارات الدولية بهذا الخصوص.
 2- على اسبانيا أن تتحمل مسؤوليتها في الدفاع عن الصحراء الغربية.
 3- المطالبة بتشغيل الصحراويين وإنهاء ظاهرة البطالة في الصحراء.
 4- تدريس اللغة العربية في الصحراء.
 5- تعبيد الطرق وتسهيل المواصلات بين المدن والقرى الصحراوية.
 أما الرسالة الثانية فقد وجدتها ضمن الوثائق الاسبانية المؤرخة في 04 يناير 1969 وهي رسالة مفتوحة من الشعب الصحراوي إلى      الدولة الاسبانية:
 1- مقدمة حول حسنات اسبانيا
 2- صورة من تاريخ المقاومة الصحراوي ضد كل محاولات الاحتلال وان وجود اسبانيا هو ناتج عن ثقة وإرادة الشعب الصحراوي.
 3- تنبيه الحاكم العام إلى المرحلة الدقيقة والخطيرة التي تمر منها قضية الشعب الصحراوي.
 4- الرفض القاطع لأي انضمام لأية دولة جارة جنوبا وشمالا وشرقا.
 5- حرية الشعب الصحراوي في كل المجالات والتقاليد والطباع والمزاج والخلق واختلافه بالتمام والكمال عن الشعوب المجاورة.
 6- دفاع الآباء والأجداد عن سيادة الشعب الصحراوي.
 7- هذه الأرض لم تكن موطأ قدم لأي أجنبي باستثناء بعض المستكشفين أو التجار أو السياح، ولم تعرف لا سلطان ولا حاكم ولا أمير أو أي موفد من طرف أي منهم.
 ومن الأفيد أن ننقل لكم هذه الفقرة من تلك الرسالة: "حينما تدعي بعض البلدان اليوم أو من قبل ذلك أنا جزءا منها فان ذلك يعتبر كذبا وافتراء ولا يستند على أي أسس ثابتة...
 نطالب كذلك من الحكومة الاسبانية أنها في الوقت المناسب وباتفاق مشترك مع الشعب الصحراوي تمنحنا حكم أنفسنا بأنفسنا وان يكون ذلك بشكل تدريجي كما يفعل الأب مع أبناءه حتى يكتمل البلوغ...
 نطالب كذلك من الحكومة الاسبانية وبإلحاح ألا تغادرنا، ألا تخوننا، وتتركنا نتخبط كالأعمى، بل بالعكس أن تبني الصداقة معنا، وان تقوي الأواصر التي تجمعنا وذلك أكثر مما هو موجود اليوم... وان تتخذ مواقف أكثر جرأة وشجاعة مشرفة لها ولنا أمام المجتمع الدولي، وألا تترك قضيتنا في يد دولة أخرى، ولا بيدنا نحن في هذه الظروف، نريد الدولة الاسبانية كي تكشف ثروات بلدنا، وتتعاون معنا في مجال الإيراد والاستيراد، وفي مجال تطوير بلدنا....
 رغبتنا في ان تطلبوا من حكومتكم رفع مطلبنا إلى الأمم المتحدة على وجه التحديد والى كل البلدان المحبة لمساعدة الشعوب المستعبدة، والتي منها نطلب التأييد والمساندة لحل مشاكلنا، والى جانبكم انتم أن توفروا لنا الحماية، الأمن كشعب لهو وجوده، عاداته، تقاليده، قيمه ككل الكائنات البشرية". العيون 04 يناير 1969.
 استبق الرجل الأحداث ونبه اسبانيا إلى أن هناك فئة طليعية من الشعب الصحراوي تفكر في مستقبله ومستقبل وطنه، كما نبه إلى التخوف من ضعف الموقف الاسباني غير مكترث بعواقب ردة الفعل الاستعمارية فكان مهادنا وصارما فيما يتعلق بمطلب الجيران في الشمال والجنوب ولكل مآربه.
 وفي الجانب الآخر من المعادلة أي سلطات الاستعمار فيم كانت تفكر وما هي خططها؟
مخططات اسبانيا وانعكاس ما أحست به داخل المستعمرة:
 أحيل المهتم إلى ملخص من تقرير تسميه الحكومة الاسبانية: الحكومة العامة لمحافظة الصحراء المندوبية الحكومية لمنطقة الشمال، تقرير توقعات قريبة في الصحراء، العيون 23 ديسمبر 1969.
 العرض من التقرير:
 استعراض حول وجهة نظر المندوب الذي يعده حول الجوانب العامة ذات الأهمية المتعلقة بإقليمنا وقف على تقرير المصير المستقبلي الذي وعدت به الحكومة الاسبانية سكانه. تطرق التقرير إلى الجو السائد في شبه الجزيرة الايبرية وسلوك دول أخرى وانعكاسه بالضرورة على الشعب الصحراوي.
  أ‌- الجو العام في شبه الجزيرة الايبرية (اسبانيا)
 1- حكومة الأمة (ويقصد بها الحكومة الاسبانية المركزية)
 لقد تم الوعد على أفواه شخصيات مخولة بتقرير المصير، إذ لابد من تأكيد رسمي دائم لذلك الهدف وهو ما سيولد ثقة اكبر لدى الصحراويين في مستقبلهم الذي سيتيح لهم تقرير مصيرهم بحرية.
 2- حول السكان الأسبان
 السكان الأسبان يجهلون ما يجري في الصحراء ليس فقط مشاكلها وإنما أيضا موقعها الجغرافي... مما يجلب معه لامبالاة شعبية كاملة وهو ما يتفطن له السكان الأصليون.
 من جهة أخرى فبمقارنة هذه الأراضي مع أقاليم أخرى لما وراء البحار فان الشعب الاسباني يعتبرها خطرا داهما لعمليات عسكرية وشيكة وينظر بشيء من الريبة والحظر إلى مسألة الاحتفاظ بها.
 نعتقد أن الحل لهذا السلوك يكمن في توفير المعلومات الملائمة في كل المجالات عن المحافظة، عن عمل اسبانيا بما يؤدي إلى زرع الاعتزاز والحب في مواطنينا تجاه هذه الأراضي، وحس المسؤولية الذي يجب أن نتقاسمه نحن الأسبان جميعا تجاه الإقليم الذي نديره.
 3- حول وسائل الإعلام الاسبانية:
 الشعب الصحراوي يعيش اليوم متعلقا بالخارج، مبديا اهتماما استثنائيا بأية أخبار ذات صلة بالإقليم تنشرها محطات أجنبية... مما يخلق بلبلة كبيرة داخل السكان الأصليين... فليس من المستغرب أن يفاجئوا كون المحطات الاسبانية لا تسارع إلى تكذيب مباشر، وبالتالي ينتابهم الشك بأن عدم قيامها بذلك يعني أن اسبانيا موافقة بشكل ما على المزاعم التي ترد في تلك الإشاعات، من هنا يصبح من الضروري التخطيط لدعاية ملائمة ودائمة....
 ب‌- في المحافظة
 1- الحكومة العامة
 كثفت جهودها لحكومة الأمة كأولوية كي تغرس لدى الصحراويين الشعور بالثقة المطلقة تجاه اسبانيا وخلق جو من الأمن والاستقرار.
 2- السكان الأصليون
 تم خلق ثقة ضائعة لدى السكان الأصليين، هذا إذا ما كانت قد وجدت أصلا... لقد أوردنا هذا الجانب من ذهنية الصحراويين لأننا نعتبره عميق التأثير. والخلاصات المباشرة تذهب إلى الحاجة إلى الدراسة التفصيلية لمنح أي منصب أو امتياز لتجنب الحساسيات وذلك لكون الإحساس بما هو عادل متأصل لدى الصحراوي على المستوى المحلي.
 ان السكان الصحراويين من الصعب التحكم فيهم إذ لا يسلمون أنفسهم بشكل دائم أبدا. ويضيف التقرير:
 الجو السياسي
 1- الخارج والمنظمات الدولية
 المنظمات الدولية ودول عدم الانحياز:
 - يعتبرون الصحراء الغربية إقليما مستعمرا
 - يجهلون وضعيتها السياسية الحقيقية
 - لا يثقون في تسيير أحادي الجانب من طرف اسبانيا فيما يخص تقرير مصير سكانها.
 فيما يخص الدول التي تطالب بها:
 - تزعم انها ستبرر حقوقها في الصحراء الغربية
 - تطالب بتدخل لجنة تصفية الاستعمار
 - بشكل مسبق تحاول التحكم في الاستفتاء عبر دعاية متواصلة تجاه الشعب الصحراوي.
 2- حكومة الأمة
 عبرت بوضوح عن موقفها من خلال وعدها بتقرير مصير الصحراء الغربية ورفضها الاعتراف للمغرب بأية حقوق، وأية روابط أخرى غير الناجمة عن محض كونه جارا لها. وهنا لا يجب ان نغفل رد الشعب الصحراوي حيال تصريحات واضحة صارمة.
 3- عن الشعب الصحراوي
 ...أنهم يتخيلون مستقبلا بعيدا تكون فيه الصحراء الغربية دولة مستقلة، ولكنهم يتفهمون المسار الصعب الذي يقتضيه ذلك، لا يتمنون الاندماج لا في المغرب ولا في أية دولة أخرى.
 المستقبل المرتقب:
 من خلال تصريحات وزيرنا للخارجية... الحكومة الاسبانية تقبل حلين قابلين للحياد لمستقبل الصحراء الغربية، قائمين على تقرير مصير سكانها:
 1- الحكم الذاتي عملية تقوم على اجل طويل تكون مسبوقة بتهيئة تدريجية.
 2- الإبقاء على الارتباط باسبانيا: أن يشمل مجالا واسعا من المواقف بدءا من الاندماج الكامل مرورا بدولة مرتبطة وصولا إلى ارتباط متبادل لمستويات متنوعة.
 كما يتطرق التقرير إلى عدد من الإجراءات التي يراها معدوه ضرورة لضمان نتائج التصويت كالحفاظ على وجود القوات الاسبانية وإغلاق الحدود، وخلق أجهزة جديدة كالأكاديميات العسكرية وجيش جديد وطرق جديدة للتعامل مع الإدارات... والمؤسسات الصحراوية كالجمعية العامة والجمعيات الفرعية والعدالة القرآنية ومؤسسة الشيخ... ثم يتطرق التقرير إلى الاقتصاد واستقلاليته بعاملين:
 1- إقامة أسس الاقتصاد المستقبلي للإقليم
 2- رفع مستوى معيشة السكان الأصليين.
 ثم التطرق إلى الثروة الحيوانية وترقية التجارة والثروة السمكية والفوسفات كثروة رئيسية للبلد. التقرير وقعه فرناندو لوبيث ويرطا.
   النشــأة
 ردا على هذا التصور الاسباني، والشحنة التي بداخل محمد بصير واهتمامه بمصير وطنه فإن الرجل قد بدأت له الرؤى واضحة المعالم، وبما انه آمن بالعمل السري المحدود فقد فاتح أهل ثقته بالأمر.
 يقول سالم سيد ابراهيم لبصير في مقابلة لي معه يوم 12 نوفمبر 2003: "لما عاد محمد بصير من
 مرافئ الجامعات إلى ارض الوطن بدأ يبث أفكاره بيننا مع الحذر الشديد- إذ ليس لديه إلا بطاقة مؤقتة للإقامة- إلى المقربين من أفراد عائلته، يتساءل عن مصير الوطن، وعن ديمومة الاستعمار إلى متى؟ خاصة انه درس في كل من القاهرة ودمشق والقومية العربية في أوج انتشار ديدنها آنذاك رغم هزيمة العرب في حرب حزيران (يونيو) 1967.
 لم يثر الرجل في البداية انتباه سلطات الاستعمار وأعوانها نظرا لتواضعه ثم انه من عائلة من أهل العلم والتقى وأصحاب زوايا وفرسان في نفس الوقت، ثم انه يدرس اللغة العربية والقرآن الكريم في مسجد السمارة بعيدا عن الشبهات رغم ان عيون الاستعمار كانت مبثوثة في كل مكان.
 فاتح الرجل خمسة رجال فأبدوا استعدادهم رغم انه نبههم انه يمكن ان يتعرضوا للاعتقال والاختطاف، وحتى التصفية الجسدية يقول: "إنكم تحت رحمة نظام فاشي استعماري فلا يجب ان تنتظروا منه خيرا" بدأت الفكرة تجد مسارها للتطبيق بعد 04 ديسمبر 1969 إذ كانت هناك ثلة من الوطنيين بقيادة محمد سيد ابراهيم بصير بمدينة السمارة قد اتفقت على اجتماع يوم 11 ديسمبر 1969 ليبدأ العمل المنظم وليعرف بصير باسم الحركة وهو: "المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء". وقد كانت هذه الكوكبة مكونة من الوطنيين التالية أسماؤهم كما أفادني بذلك أكثر من مصدر بما في ذلك تصريحات محمد بصير للمحققين الأسبان:
 - محمد سيد ابراهيم بصير قائد المنظمة وأمينها العام
 - عبد الحي محمد امبارك سيد امحمد
 - غالي مصطفى سيدي محمد
 - سلامة المامي الداي
 - سيدي اليساعة لبصير
 - سالم سيد ابراهيم لبصير
 وفي مقابلة لي مع السيد سالم سيد ابراهيم لبصير يوم 12 نوفمبر 2003 قال لي بعد التطرق إلى اسم المنظمة وأهدافها وطرق عملها سواء في التعبئة أو في تكوين مجموعات لينتشر بعدها الفكر الوطني قال: " إن مهام المجموعة الأولى كانت على النحو التالي:
 - محمد سيد ابراهيم بصير أمينا عاما للمنظمة
 - عبد الحي سيد امحمد نائب الأمين العام
 - غالي المصطفى أمين سر المنظمة
 - سيدي اليساعة لبصير أمين الصندوق
 - سلامة المامي الداي مكلف بالشؤون العسكرية
 - سالم سيد ابراهيم لبصير مكلف بالإدارة العامة
 وفي تقرير المخابرات الاسبانية المتضمن استنطاق الفقيد محمد سيد ابراهيم بصير والمؤرخ في 19 يونيو 1970 فإننا نجد ما يلي:
 ...تم يواصل فيصرح انه في يوم 11 ديسمبر 1969 عندما تناهى إلى سمعه أن الصحراء سيتم تقسيمها، انشأ حزبا لمواجهة فكرة التقسيم هذه يسمى: المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء.
 يتم تنظيم نشاطات الحزب ويبلغ عنه الناس الذين انخرطوا فيه وهم حوالي خمسة وعشرون من بين الأوائل منهم الأسماء التالية:
 - غالي ولد سيد المصطفى
 - عبد الحي ولد سيد محمد
 - مولاي احمد ولد باب رقيب في القوات المتنقلة ATN
 - الناه جولي عسكري في القوات المتنقلة ATN
 - حمدي المخلول عسكري في القوات المتنقلة ATN
 - سيدي ولد اليساعة ولد لبصير كفيف
 - سالم ولد سيد ابراهيم مدني
 - حمودي البو عسكري في القوات المتنقلة ATN
 - سلامة المامي الداي عريف في القوات المتنقلة ATN
 الباقي من المنخرطين الأوائل لا يتذكر أسماءهم.
 الإنسان الجديد في البداية يعلم بأطروحات الحزب ونظرياته ولما يوافق على الانخراط يؤدي اليمين على القرآن للإخلاص للمنظمة وللوطن الصحراوي... كل شخص منخرط له رقم كي يعرف به من:
 من 1 إلى 20 يعني المنخرطين في مدينة السمارة
 من 21 إلى 90 يعني المنخرطين في مدينة العيون
 من 91 إلى 110 يعني المنخرطين في مدينة السمارة
 من 111 الى 300 يعني المنخرطين في مدينة العيون
 بقية الأرقام لم تنظم طبقا للقانون وإنما تأتي على علاقة بأربعين رقما وفي كل مركز يوجد قائد يحتفظ باللوائح الخاصة بموقعه.
 يذكر أن السمارة كان كاتبها غالي ولد سيد المصطفى ومسؤوله المباشر مولاي احمد ولد بابا وان التفاريتي كاتبه ابراهيم ولد حماد ومسؤوله لارباس ولد الجماني وفي حوزة فالمسؤول الأعلى والكاتب في نفس الوقت هو مترجم الإدارة الحكومية سيد ابراهيم سلامة اجدود.
 وفي اجديرية فان الكاتب هو اندادي ولد اعلى ولد عبدي ومسؤوله المباشر هو امربيه ولد ابراهيم ولد البخاري.
 وفي المحبس فالكاتب هو شخص يدعى سعيد (علمت فيما بعد انه سعيد ولد ابراهيم ولد اعلم ابلال) جندي في الجيش وربما يكون هو المسؤول أيضا.
 وان سيد احمد ولد رحال يعرف من هم المسؤولون في كل من الدورة والحكونية وبوكراع والطرق المؤدية إليهم.
 أما في العيون فان العناصر المهمة هي:
 - بدة احمد حمادي
 - محمد ولد سلامة ولد لعروسي حارس
 - عبد الوهاب سيد المصطفى حمي سائق
 - بشر ولد حيدار
 - البشير ولد سويليكي ولد بلقاسم بواب في المعهد
 - خطاري ولد سيدي الفيلاي عامل في البوليس
 - محمد ولد الحسان ولد المحجوب
 - محمد ولد المكي
 - محمد مامين تاجر بكلومينة المسلمين
 - عبد العزيز ولد سيد احمد ولد اعلي موسى
 - السياه بناني
 - ابليلي عامل بالطرق
 - البشير ولد بدة
 - سيد احمد ولد مسعود عريف في الشرطة وتاجر في سوق لمخاخ
 - محمد امبارك ولد مسعود اخو السابق
 - احمد ولد القائد صالح بيروك
 - احمد سالم ولد القايد صالح (شداد) اخو السايق
 - لخليفة ولد بوجمعة ممرض في الحكومة
 - محمد عالي مفتش في العمل مع البشير ولد بيرة
 - ابراهيم ولد سعيد ولد الجماني
 - احمد ولد بومراح صاحب مقهى ام اشكاك
 - الحسين ولد علال (الحسين جزار)
 - خطري ولد سعيد ولد الجماني
 - خطاري ولد سلمى
 - اصلوح ولد سعيد ولد الجماني
 - موسى ولد لوشاعة ولد لبصير
 - احمد سالك القايد صالح ولد بيروك
 - سيدي ولد نافع ولد سيدام عامل بالفوسفات
 - امحمد ولد محمد يحظيه.
 هذه العناصر وغيرها هي الأكثر أهمية في العيون كما صرح بذلك سيد احمد رحال للمحققين وزكاها محمد بصير، يجتمعون كل أسبوع وقد سجلوا مطالبهم طبقا لما اقره بصير في المذكرة التي سترفع إلى الحكومة وذلك ليسمعها كل مناضل في المنظمة والشريط يوجد عند محمد ولد ددي وهو مشرف (كبطاه) على حزام الفوسفات بواد بوكراع تلك تصريحات محمد سيد ابراهيم بصيري تحت التحقيق.
 يقول الأخ احمودي محمد امبارك لبصير حسب ما جاء في محاضرة للأخ سيدي اليساعة لبصير القاها يوم 17 يونيو 2007 بمنطقة امهيريز المحررة ما يلي:
 بينما انكب جهد زعيمها على تأسيس المكاتب بالمدن والمداشر الأخرى وتعيين قادتها نذكر منها:

                              

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق